أخبار وطنية بقلم محمد المنصف بن مراد: رقعة الخيانات تتّسع!
بقلم محمد المنصف بن مراد
لقد ارتكبت حكومة السيد الحبيب الصيد أخطاء عديدة ستكون لها انعكاسات خطيرة وقاسية على الشعب التونسي وخاصّة الأجيال المقبلة.. فبعد «تركة» الترويكا وحكومة مهدي جمعة، ورث الحبيب الصيد وضعا لا يحسده عليه أحد، فالمشاكل تراكمت ومن الصّعب على أيّ رئيس حكومة ان يفضّها والتحالفات السياسيّة تكبّل يديه.
منذ الانتخابات الأخيرة كان على السيد الباجي قايد السبسي ان يعين حكومة حرب لكنّه عين حكومة أحزاب لا ضعف بعد ضعفها، فالتحالف بين حزب نداء تونس والنهضة لم يسمح بتعيين وزراء حديديين في الدّاخلية والدّفاع لأنّ النهضة كانت رافضة لتعيين وزيرين قادرين على انهاء كلّ الاختراقات التي وقعت في الأمن والدّفاع وفتح ملف الاغتيالات السياسية بجدية وانهاء الأمن الموازي الذي يؤكّد الأمنيون الجمهوريون وجوده في حين ينفي رئيس الحكومة ذلك لأنه يخشى ردّة فعل النهضة..
وللإشارة فعندما اقترحت تعيين رئيس حكومة من الجيش وقع انتقادي لكنّي وطني حر وأحبّ بلادي ولا أخشى أيّ تهجّم من أيّ كان.. واليوم أمام تدهور الوضع في تونس، أقترح تعيين 24 واليا من الجيش حتى يرجع النّاس الى العمل وتنتهي الميوعة وتخضع كل الجمعيات والمساجد للقانون وحده، ويسهر الولاة ـ مباشرة ـ على التنمية وعلى الحرب ضد الارهاب والتهريب!
إلى يومنا هذا تتواصل الانفلاتات، وبارونات التهريب متحالفون مع الارهاب، وبعض المساجد يرتع فيها المتشدّدون والولاة لم يتحرّكوا بما يقتضيه الوضع، وكل ما في الأمر انّ نداء تونس وحزب النهضة يرفضان تعيين عسكريين على رأس الحكومة والولايات لأنهما يخشيان انقلابا عسكريا.. هذه الحقيقة يجب الإصداع بها بعد أن أصبحت مصالح الأحزاب أهمّ من مصلحة تونس!
لقد كان تعيين مدنيين حديديين على رأس الحكومة والداخلية والدفاع مطلوبا من الكثير من التونسيين لأنّه سيضع البلاد على السكّة الصّحيحة ولكنّ الأمر يختلف عند الأحزاب الحاكمة التي يستمرّ تراخيها لأسباب مختلفة.. وانّي أطالب بمناقشة هذا الموضوع لا من منطلقات حزبيّة بل انطلاقا من مصلحة تونس وخاصّة مصلحة الأجيال القادمة التي ستذوق الأمرّين اذا واصلت الحكومة سياسة الترقيع وساكن قرطاج أشبه ما يكون بأصحاب الكهف!
لن تنجح هذه الحكومة ولا رئاسة الجمهورية إذا لم يقع تحوير وزاري يعيّن بمقتضاه وزراء حديديون، فتونس ستمرّ بمراحل خطيرة وحرجة ولو أنّها ستنتصر على الارهاب بفضل نسائها ورجالها، وفي الأثناء قد تكون «الفاتورة» باهظة لأنّ الحكومة ـ ومعها الأحزاب ـ تجهل اليوم منطق الحرب والمبادرة واعتماد استراتيجية واضحة المعالم للقضاء على هذا الطاعون الذي يسمّى الارهاب.
كلّ المشكل أننا نخوض حرب وجود ضدّ الارهابيين وانصارهم والحكومة ضعيفة والأمن مخترق وكبار بارونات التهريب يواصلون تدمير الاقتصاد والجمعيات الخيرية والمساجد تدعو الىالتشدّد والجهاد باسم الدين المزيّف. عندما جاء في النشيد الوطني :«فلا عاش في تونس من خانها» فإنّ الشاعر لم يكن يعلم انّ الخونة سيصبحون بلا حساب وانّهم سيدمّرون ـ يوما ـ هذه البلاد حتىلو أصبحت مقبرة من جنوبها الى شمالها وبات الارهابيون والمتشدّدون يسيطرون عليها وفي جيوبهم المليارات وتحت أقدامهم الجماجم!
انّ الخيانات في تونس عديدة في أيّامنا هذه وهي تساهم في انتشار الفوضى والارهاب! لن أتحدث عن عهد الترويكا بل سأقتصر عمّا يجري في بلدنا، فهناك خيانات أمنية حيث عمد مسؤولون في هذا الجهاز، الى انتداب بعض المتشدّدين والىتركيز الأمن الموازي ومازال النزيف متواصلا الى الآن، ولكن رئيس الحكومة لا يحرّك ساكنا خوفا من ردّة فعل الأحزاب التي تحميهم.. وفضلا عن ذلك فانّ كل أمني أو رجل قانون أو سياسي يخفي حقيقة اغتيال الشهداء لطفي نقض وشكري بلعيد ومحمد البراهمي هو خائن!
كما انّ كل أمني يتعامل مع كبار المهرّبين ويحمي مصالحهم ويساهم في تمرير الذخائر والأسلحة هو خائن! وهذا النّعت ينطبق أيضا على كل اداري أو موظف يتعامل مع الارهاب والتهريب، وعدد هؤلاء هام جدا.. إنّ كلّ اعلامي يتعامل مع الدول الأجنبية أو يعين الارهابيين على تمرير أفكارهم تحت غطاء حرية الإعلام و«مكاسب الثورة» هو خائن لبلاده ولشعبها! كما انّ مدير أيّ وسيلة اعلام ينتفع بملايين أو بمليارات الارهابيين أو أصدقائهم هو خائن لتونس ولشعبها!
انّ كل طرف تونسي يتعامل مع أحزاب أو منظمات او حكومات أجنبية ويخدم أجنداتها هو خائن.. وفي هذا الصدد لسنا ندري كيف تعقد الاجتماعات واللقاءات وتقام المآدب مع أعداء تونس والحكومة مكتفية بالفرجة ولا تتجرّأ على فتح أيّ بحث.. إنّ التفسير الوحيد لذلك هو أنّ الخونة محميون داخل تونس وحتى خارجها!
وأمّا الأيمة الذين يدعون الى العنف وما يسمّونه بـ«الجهاد» فهم ـ أيضا ـ خونة وكذلك الشأن بالنسبة الى مثيري الفتن كما انّ الهياكل المتستّرة باسم الجمعيات الخيرية والتي تموّل الارهاب والعنف هي أيضا على لائحة الخونة!
عندما نقول انّ الشعب التونسي طيّب ومسالم فنحن نغالط أنفسنا لأنّ البعض منا يبيع بلاده وعائلته إمّا من أجل دعم التطرّف وإمّا من أجل المال، وهذا النوع من الخيانة أصبح سلوكا عاديا بعد أن صرنا نسمع روايات عديدة حول «شراء» تونسيين بالمال من قبل «رؤوس» الارهاب والمهرّبين والأجانب.. فكفانا نفاقا فالخيانات على جميع المستويات لكن الحكومة لا تحقّق في أهمّها كأنّها مكبّلة الأيدي!
انّ رقعة الخيانات تتسع ولولا رجولة نساء تونس وأمنييها وجنودها وحرسها وصلابة الديمقراطيين لدمّر اليأس قلوبنا..
انّ تونس التي لفظت عشر غزوات، ستجهض كل الغزوات الارهابية المقنّعة بالدين، كما ستحاسب كل الخونة الذين باعوا بلادهم من أجل«البقشيش».